الأحد، 4 أكتوبر 2009

ابرام ----------- أبراهيم رحلة الأب "تارح"





www.biblep.blogspot.com ترجمة محتويات الموقع باللغة الأنجليزية مع ذكر المراجع العرضية عند الضرورة
كانت رحلة " تارح" والد" أبرام" من "اور الكلدانيين "، شمال مدينة " البصرة " الحالية، حتى " حاران "، شمال نهر الفرات قرب منابع أحد فروعه، فى موقع يبعد شرق مدينة "حلب " الحالية بنحو مائة ميل . وتوضح لنا هذه الرحلة أمرين 
هى أولآ كانت رحلة عادية ف "ابرام " فيما بعد عندما أرتحل ألى" أرض كنعان" لم يكن أمرآ جديدآ فها هو "تارح " يرتحل من "اور الكلدانيين " مع أسرته ، لقد كانت هذه هى عادة الشعوب التى تقطن بين الحضارتين " المصرية الفرعونية " وحضارة " ما بين النهرين" حيث لا توجد حكومات مركزية يكون من واجبها تقديم  العناية بمواطنيها فى ظروف القحط بل كانت الأرض متسعة، والناس يعيشون فى هذه المناطق فى تجمعات متفرقة، يتولون أدارة شئونهم ، كدويلات صغيرة من حقها الأرتحال ألى أى مكان ، فلا عدوان على أحد  ولا احتلال لارض الغير، فكل هذه الأعتبارات الحديثة كانت حدودها ضيقة بقدر مدى سيطرة جماعة ما على بئر أو مرعى . 
الأمر الثانى أن الله عندما دعا "أبرام " وهو بعد فى "أور الكلدانيين " تولى هو بنفسه وسيلة أعداد " ابرام" لهذه الرحلة البعيدة، فلم يكن " ابرام " هو أو غيره، بقادر على عبور الطريق من "اور الكلدانيين" مباشرة ألى " ارض كنعان"، وهى أكثر قربآ من أور الكلدانيين حيث لا يفصلها عنها سوى صحراء الشام فى ألتقائها مع شمال الصحراء فى شبه الجزيرة العربية . ولو كان " ابرام "قد اقدم على ذلك، لكان مصيره ومصير من معه الموت والهلاك، حيث ندرة المياه التى تتحول بعد مسيرة يوم واحد، ألى الأستحالة على العثور على الماء أو الظل او أى مظهر من مظاهر الحياة . لكن رحلته الى " ارض كنعان " عبر ما صار يعرف اليوم بأسم" الهلال الخصيب " يوفر له الماء والعشب والكلأ لقطيع أغنامه ومحطات كثيرة للراحة طوال الطريق . كان عمل الله فى قلب " تارح " الأب درجة من درجات تدبيرات الله ل"أبرام" حتى يمكنه من تحقيق ما اتفق الله عليه مع "أبرام" لذلك لا يتحدث الله عن رحلة أبرام" بوصفها رحلة من "حاران " ألى " ارض كنعان " وانما يقول فى" التكوين١٥ عدد ٧  أنا الرب الذى أخرجك من " اور الكلدانيين " لقد بدأت تدبيرات الله للرحلة من "اور الكلدانيين " باستخدام  ظروف الأسرة وطموحات الأب "تارح " وكان "تارح " فى سن السبعين ، وكان هذا السن حينئذ على ما يبدو أن هذا العمر كان هو أوج شباب الأنسان فى ذلك العصر، فنحن نلاحظ "ابرام" وهو يتراجع عن أظهار رابطة الزوجية التى كانت تربطه ب " ساراى " امراته ويستعيض عنها بصلة الأخوة الأعتبارية كما سنرى فيما بعد ب "ساراى" أمام "فرعون" وكانت هى فى ذلك الوقت فى أوج نضارتها فى سن التسعين مما يجعلها مطمعآ لفرعون
أما قصة الأخوة الأعتبارية فقد كان لها تاريخ يخص رحلة "تارح " الى "حاران " فقد توفى الأبن الأكبر ل "تارح " هناك مما جعله يطلق على المكان أسم " حاران "  والجدير بالذكر أن المقطع "ح" فى الآكادية يفيد الحزن أو النحيب فالمكان اذآ صار حيث فقدنا "هاران" وبحسب نصوص "نوزى " و "مارى"الثرية التى عثر عليها فى بلاد الرافدين قرب هذا المكان الذى نحن بصدده، فأن الرجل أذا توفى ابنه حال حياته يتولى رعاية ابنائه وتزويج بناته باعتباره الأب البديل، وكان من بين واجبات هذا الأب حيال بناته الطبيعيات أو المنتسبات له، أن يتقبل المهر من العريس القادم للتزوج باحدى بناته، ثم يضيف على ذلك من ماله الخاص لتجهيزها بملكية معينة من المواشى والأغنام ، لكن أهم شىء هو شراء جارية لها، فأذا كان موسرآ كانت هذه الجارية تحصيلآ حاصلا ، أى كانت من بين الجوارى اللآئى قد سبق أن خصصن لخدمة ابنته فى كنفه، أما أذا لم يكن كذلك فعليه بمناسبة تزويجها، أن يشترى لها جارية حتى أذا لم توفق ابنته فى الحمل ، لآ يضطر العريس لآستخدام حقه الشرعى - فى عرف تلك الأيام - فى التزوج عليها بزوجة ، يعلو مقامها عندما تلد هذه الجديدة للزوج أولادآ . لذلك نلاحظ هذا فى حالة " ابرام" كذلك فى حالة "ليئة " وراحيل " وزلفة " و "بلهة " الجاريتين 
وبحسب ما سطره" يوسيفوس1*" المؤرخ فأن "تارح" زوج " يسكة" ابنة "هاران" المتوفى ل" ابرام " بينما زوج أختها الأخرى "ملكة " أو " معكة  "لناحور " شقيق "ابرام" وكان من حق الزوج تسمية الزوجة بأسم جديد أذا كان يريد ذلك فصارت هى " ساراى " زوجة " ابرام " ولم يترك "هاران المتوفى غير الأبنتين سوى " لوط " الذى صاحب " ابرام" فى أرحلته  و"أبرام" عمه وهو  شقيق زوجة عمة 
والعجيب أيضآ فى هذا الحدث أن" ناحور" كانت زوجته كثيرة الأنتاج للأولاد، فولدت أولادآ كثيرين كان أصغرهم يدعى "بتوئيل " وهو والد كلآ من " لآبان " و"رفقة " زوجة " اسحق" فيما بعد . وكأن الله فى تمهله لولادة "اسحق " مقصدآ أزليآ حتى يولد " بتوئيل " الصغير ويشب ويصبح رجلآ ويتزوج ثم ينجب بكره " لابان" وقبل أن يأتى الدور على ولادة " رفقة " يعطى الله لأبرام و "ساراى "ابنهما " اسحق" الذى تزوج "رفقة" فى سن مناسب له،  لذلك فهى زوجة أبن عم والدها  لقد كانت رحلة " تارح" رحلة عجيبة مهيئة ل" ابرام "بتاريخ حافل من العلاقات الأنسانية والروحية التى حدثت فيما بعد . كانت رحلة صوب الشمال قرب مملكة " نمرود " أول من أخترع فكرة الملكية الفردية للأرض ، تلك الأرض التى كانت قبله لا يعرف لها البشر معنى ، لتحديد الملكية فيها وكان ذلك هو أساس" بابل وهذه هى الخطية التى ورثها البشر أجمعين" خطية بابل" خطية الأستئثار باستخدام القوة ، وخطية التفرق الى أنتماءات مختلفة تفرق ولا تجمع، تنشر البغضاء عوضآ عن السلام الذى يريده الله لجميع البشر . وكان الملك الذى ورث هذا العرش فى تلك الأيام هو " امرافل " ملك شنعار وهى أحدى تلك المناطق التى وسع بها " نمرود حدود مملكته حال حياته .                                نرحب بتعليقاتكم .                                      د. ق . حوزيف المنشاوى  

ليست هناك تعليقات: